responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 525
أو قال: تبعث أَهْلُ الْفِتَنِ، فَمَنْ كَانَ هَوَاهُ الْإِيمَانَ، كَانَتْ فِتْنَتُهُ بَيْضَاءَ مُضِيئَةً، وَمَنْ كَانَ هَوَاهُ الْكُفْرَ، كَانَتْ فِتْنَتُهُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

[سورة البقرة (2) : آية 258]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)
هَذَا الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ هو ملك بابل نمرود بْنُ كَنْعَانَ بْنِ كُوشِ بْنِ سَامِ بْنِ نوح ويقال نمرود بن فالخ بن عبار بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَمَلَكَ الدُّنْيَا مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا أَرْبَعَةٌ: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ، فَالْمُؤْمِنَانِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ، وَالْكَافِرَانِ: نمرود وبختنصر، والله أَعْلَمُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ أَيْ بِقَلْبِكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ، أي وُجُودِ رَبِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ إِلَهٌ غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ بَعْدَهُ فِرْعَوْنُ لِمَلَئِهِ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [الْقَصَصِ: 38] . وَمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الطُّغْيَانِ وَالْكُفْرِ الْغَلِيظِ وَالْمُعَانَدَةِ الشَّدِيدَةِ، إِلَّا تَجَبُّرُهُ، وَطُولُ مُدَّتِهِ فِي الْمُلْكِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّهُ مَكَثَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ فِي مُلْكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ:
أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وكان طَلَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ دَلِيلًا، عَلَى وُجُودِ الرَّبِّ الذي يدعوا إِلَيْهِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي إنما الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ، حُدُوثُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، الْمُشَاهَدَةِ بَعْدَ عَدَمِهَا، وَعَدَمُهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، ضَرُورَةً، لِأَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ بِنَفْسِهَا، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُوجِدٍ أَوْجَدَهَا، وَهُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَدْعُو إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ المحاج- وهو النمرود- أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ. قَالَ قَتَادَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: وَذَلِكَ أَنِّي أَوُتَى بِالرَّجُلَيْنِ، قَدِ اسْتَحَقَّا الْقَتْلَ فَآمُرُ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا- فيقتل، وآمر بالعفو عَنِ الْآخَرِ فَلَا يُقْتَلُ، فَذَلِكَ مَعْنَى الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ- وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ مَا أَرَادَ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ جَوَابًا لِمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَلَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِوُجُودِ الصَّانِعِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ يَدَّعِيَ لِنَفْسِهِ هَذَا الْمَقَامَ عِنَادًا وَمُكَابَرَةً وَيُوهِمُ أَنَّهُ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُحَيِّي وَيُمِيتُ، كَمَا اقْتَدَى بِهِ فِرْعَوْنُ فِي قَوْلِهِ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وَلِهَذَا قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، لَمَّا ادَّعَى هَذِهِ الْمُكَابَرَةَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ أَيْ إِذَا كُنْتَ كَمَا تَدَّعِي مِنْ أَنَّكَ تُحْيِي وَتُمِيتُ، فَالَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي الْوُجُودِ فِي خَلْقِ ذَوَاتِهِ وَتَسْخِيرِ كَوَاكِبِهِ وَحَرَكَاتِهِ، فَهَذِهِ الشَّمْسُ تَبْدُو كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَإِنْ كُنْتَ إِلَهًا كَمَا ادَّعَيْتَ تُحْيِي وَتُمِيتُ، فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ؟ فَلَمَّا عَلِمَ عَجْزَهُ وَانْقِطَاعَهُ وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُكَابَرَةِ فِي هَذَا

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 525
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست